القلق – Anxiety

 

التعريف و الوصف

للقلق في علم النفس مكانة بارزة , إذ هو مفهوم مركزي يظهر كثيراً في الحياة النفسية , و الغرض الجوهري المشترك في الاضطرابات النفسية , بل و في أمراض عضوية شتى . و يعد القلق محور العصاب “الاضطراب النفسي” و أبرز خصائصه , أكثر فئاته شيوعاً و انتشاراً حيث يسهم في تكوين من 30 إلى 40% من الحالات التي تعاني من الاضطرابات العصابية تقريباً, كما أنه السمة الميزة للعديد من الاضطرابات السلوكية و الذهان (الأمراض العقلية) .

و هو انفعال مركب من الخوف و توقع التهديد و الخطر من دون أن يعرف المضطرب مصدره , مما يثير حالة من التوتر الشامل و المستمر. و القلق المعمم قلق مفرط و مزمن , و غير عقلاني , و هو خارج هن السيطرة , و طويل الأمد يدور حول أحداث الحياة اليومية التي لا تتناسب مع مصادرها الحقيقية , و هذا القلق المزمن يتعارض مع الوظائف و الأعمال اليومية إذ إن الأفراد الذين يعانون من هذا القلق يتوقعون حصول حادثة أو مكروه معين , و يتعلق هذا القلق الشديد حول الأمور اليومية مثل قضايا الصحة , و المال , و الموت , و مشكلات العائلة أو المشكلات الزوجية , أو صعوبات العمل .

نتيجة لذلك يعاني الأفراد المصابين بالقلق العام من ضعف قدراتهم و كفاءاتهم على عيش حياة طبيعية و سعيدة , و يفقدون عملهم و مهنهم , و يتركون دراستهم , فضلاً عن ذلك يعاني الأفراد القلقون من صعوبات كثيرة في النوم , و عدم الشعور بالفرح و السعادة , و قد يصبحون مكتئبين و مرتبكين , و غير قادرين على تخطيط حياتهم و ادارتها بفعالية كبيرة .

الأعراض

يتصف اضطراب القلق المعمم بالخوف المستمر و المبالغ فيه و الضغط العصبي , إذ يقلق الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب بشكل مستمر حتى عندما لا يكون هناك سبب واضح لذلك . و يتركز القلق العام حول الصحة أو الأسرة أو العمل أو المال . فضلاً عن ذلك يؤثر القلق المعمم على قدرة الإنسان في القيام بالأنشطة الحياتية العادية , و يصبح الأشخاص المصابين بالقلق العام غير قادرين على الاسترخاء و يتعبون بسهولة و يصبح من السهل إثارة أعصابهم , و كذلك يجدون صعوبة في التركيز و قد يشعرون بالأرق و الشد العضلي و الارتعاش و الإنهاك و الصداع . و بعض الناس المصابين بمرض القلق المعمم يواجهون مشكلة القولون العصبي .

لذلك تصنف أعراض القلق المعمم إلى أربعة مظاهر هي

أولاً
أعراض وجدانية , تتمثل بالآتي

– الخوف
– الخشية من المستقبل
– الإحساس بالخطر الوشيك
– مشاعر من الضيق
– التوتر بدرجة كبيرة

ثانياً
أعراض فسيولوجية , تتمثل بالآتي

– ضيق الصدر
– خفقان القلب
– صعوبة في التنفس و البلع
– الإحساس بالتنميل
– صداع
– توتر العضلات
– – ارتفاع ضغط الدم
– تنميل و خدار في الأطراف
– التعب
آلام الصدر و الإحساس بالنبضات في أجزاء مختلفة من الجسم

ثالثاً
أعراض معرفية , تتمثل بالآتي

– اضطراب الانتباه
– التشاؤم و الانشغال بأخطاء الماضي و كوارث المستقبل
– فقدان القدرة على التركيز
– ضعف القدرة على التفكير
– ضعف القدرة على اتخاذ القرار
– التخبط و العشوائية في حل المشكلات
– ضعف التذكر
– الخوف من الموت
– شرود الذهن

رابعاً
أعراض سلوكية ظاهرة , تتمثل بالآتي

– الارتجاف
– حركات نمطية
– اصفرار الوجه
– التعرق
– التحاشي و العزلة
– الهرب
– الاختباء
– أرق
– صعوبة في النوم

*و بطبيعة الحال فإن هذه الأعراض لا تكون مجتمعة بالضرورة في الوقت نفسه , و لا يشعر الفرد إلا ببعضها فقط .

العمر و الانتشار

و تكون هذه الأعراض ثابتة و تستمر على الأقل مدة 6 أشهر . أما بالنسبة إلى انتشار الاضطراب فيقدر بنسبة قدرها 5% من مجموع السكان . و يوجد لدى النساء أكثر من الرجال بنسبة تتراوح بين 2-3 امرأة لكل رجل واحد .

الأسباب

أولاً
الأسباب الوراثية

تشير الدراسات النفسية إن للوراثة تأثير في ظهور اضطراب القلق , و قد تصل حصة هذا التأثير إلى نسبة قدرها 30-40% و ذلك اعتماداً على الدراسات العائلية و التوأمية و غيرها .

ثانياً
الأسباب العصبية

هناك دليل أن الناس المصابين باضطراب القلق يولدوا و لديهم كف سلوكي( behavioral inhibition) إذ أن الأطفال الذين لديهم كف سلوكي يكونون خجولين , و هادئين , و خائفين , و متجنبين اجتماعياً, و لديهم مستويات عالية من الإثارة الانفعالية( Physiological arousal) فهم يثارون بسهولة , و يتفاعلون بصورة شديدة مع المثيرات و الضغوط . لذا يطور هؤلاء الأطفال على الأرجح اضطراب القلق . و تشير الدراسات , أن الاعتلال في الجهاز اللمبي Limbic system الذي يفترض أنه يسبب أنواع متعددة من الاستجابات الانفعالية له دور في ظهور اضطراب القلق . فضلاً عن أن الناس المصابين باضطراب القلق لديهم مستويات منخفضة من الناقل العصبي المسمى ب غابا GABA . إذ يعوق عمل الجهاز العصبي المركزي Central nervous system من تقليل الإثارة الفسيولوجية Physiological arousal و الحفاظ على الهدوء و الاسترخاء . لذا فإن المستوى المنخفض من الناقل العصبي غابا يمكن أن يؤدي إلى الإثارة الانفعالية المتزايدة , و الذي يؤدي تبعاً لذلك مستوى عالي من الإثارة , و بعد ذلك القلق .

ثالثاً
الأسباب النفسية و تتمثل بالآتي

1. الاستعداد النفسي كالشعور بالتهديد الداخلي أو الخارجي الذي تفرضه بعض الظروف البيئية بالنسبة لمكانة الفرد و أهدافه , و التوتر النفسي الشديد , و الأزمات أو المتاعب أو الخسائر المفاجئة و الصدمات النفسية , و الشعور بالذنب و الخوف من العقاب و النقص , و الصراع بين الدوافع و الاتجاهات و الإحباط و الفشل اقتصادياً أو زواجياً أو مهنياً .. إلخ .
2. مواقف الحياة الضاغطة كالضغوط الحضارية و الثقافية و البيئية الحديثة , و مطالب و مطامح المدينة المتغيرة (نحن نعيش في عالم القلق) , و البيئة القلقة المشبعة بعوامل الخوف و الهم و مواقف الضغط و الوحدة و الحرمان و عدم الأمن , و اضطراب الجو الأسري و تفكك الأسرة , و الوالدان العصبيان القلقان أو المنفصلان , و عدوى القلق و خاصة من الوالدين .
3. مشكلات الطفولة و المراهقة و الشيخوخة , و مشكلات الحاضر التي تنشط ذكريات الصراعات في الماضي , و الطرائق الخاطئة في تنشئة الأطفال مثل القسوة و التسلط و الحماية الزائدة و الحرمان … إلخ و اضطراب العلاقات الشخصية مع الآخرين .
4. التعرض للحوادث و الخبرات الحادة (اقتصادياً أو عاطفياً أو تربوياً ) , و الخبرات الجنسية الصادمة خاصة في الطفولة و المراهقة , و الإرهاق الجسمي و التعب و المرض .
5. الطرائق المختلفة لتجنب الحمل
6. أسباب مرسبة : مثل توقع خيبة الأمل أو صعوبات العمل , أو فقدان عزيز , أو اضطراب العلاقة بالجنس الآخر , أو أي صدمة نفسية أخرى.
7. الخصائص الشخصية للفرد : هناك بعض الأشخاص الذين يكون مزاجهم الشخصي هو أحد عوامل الخطر للإصابة بالقلق .

التشخيص

من أهم المحكات لتشخيص القلق , هو تشخيص الجمعية الأمريكية للطب النفسي الذي يتم في حال وجود الشعور الزائد بالترقب و الخوف و انشغال الذهن حول أمور متعددة , مع صعوبة السيطرة على هذا الشعور , و لمدة ستة أشهر على الأقل في معظم الأوقات , إضافة لوجود ثلاثة أعراض على الأقل مما يلي

  1. الإحساس بالتوتر و التململ و عدم الراحة و الغليان (على أعصابي طوال الوقت).
  2. سرعة التعب و الإرهاق.
  3. صعوبة التركيز أو الشعور بفراغ العقل .
  4. العصبية و التهيج و النرفزة .
  5. التوتر العضلي (آلام في العضلات, الشد على الأسنان , تأرجح الصوت).
  6. صعوبات في النوم (الأرق و صعوية الدخول في النوم , تقطع النوم و عدم إشباعه) .

رغم هذه العلامات التي تدل على القلق هناك بعض الخطوات الرئيسية التي يجب مراعاتها عند التشخيص , هي

أولاً

في التشخيص يجب العناية بالفحص الطبي الدقيق , و تقييم الشخصية و دراسة تاريخ الحالة .

ثانياً

و في حالة وجود الأعراض الجسمية , يجب عدم الخلط بين القلق و الاضطرابات العضوية الأخرى أو الاضطرابات العصابية الأخرى مثل الهستيريا أو الاكتئاب (و في كثير من الحالات نلاحظ أن بعض المرضى يذكرون الأعراض الجسمية , و لا يذكرون أي شيء من الأعراض الانفعالية للقلق , لاعتبارهم أن القلق مرض نفسي , و هم يريدون أن يدفعوا عن أنفسهم وصمة المرض النفسي .

ثالثاً

في التشخيص يجب التفريق بين القلق المرضي أو العصابي الحاد المزمن , و بين القلق الموضوعي أو السوي .

رابعاً

في التشخيص يجب التفريق بين القلق و بين الفصام في مراحله الأولى , و الفارق الأساسي بينهما وجود اضطراب الإدراك و التفكير في الفصام و عدم وجوده في القلق .

علاج القلق

إن أهم ما يتخذ تمهيداً للعلاج , هو تقصي تاريخ المريض بصورة تفصيلية , و فحصه فحصاً شاملاً , ثم نتقدم بعد ذلك في علاجه , و من أهم العلاجات النفسية للقلق من خلال الآتي

1. العلاج المعرفي السلوكي

هو علاج للعالم (بيك) و يتم من خلال صياغة مشكلة المريض و تنقيحها بصورة مستمرة ضمن الإطار المعرفي و يعتمد المعالج في صياغة المشكلة المريض على عوامل متعددة مثل تحديد الأفكار الحالية للمريض (أنا فاشل لا أستطيع عمل أي شيء كما ينبغي) , الأفكار التي تساهم في استمرار الوضع الانفعالي للمريض و التعرف على السلوكيات غير المرغوب فيها . ثم التعرف على العوامل المرسبة التي أثرت على أفكار المريض عند ظهور المرض مثل (حادثة محزنة , تغير شيء مألوف) و بعد ذلك التعرف على الأسلوب المعرفي الذي يفسر من خلاله المريض الحوادث التي يتعرض لها مثلاً (عزو النجاح للحظ و لوم النفس على الفشل) . ثم يقوم المعالج بصياغة المشكلة في الجلسات الأولى و لكنه يستمر في إجراء تعديلات عليها كلما حصل على معلومات جديدة .

2. العلاج العقلاني الانفعالي

علاج للعالم ألبرت أليس يقوم على تغيير الأفكار الخاطئة و غير المنطقية لدى المصاب بالقلق مثل :”أنا إنسان فاشل” أو ” الفشل يعني النهاية بالنسبة لي” أو ” أنا شخص عديم الفائدة” . فيرى أليس أن الإنسان لا يتوتر ويقلق و يضطرب عن طريق الأشياء و لكن بفكرته عن تلك الأشياء , و من هنا يرى أليس أن الشعور بالقلق يتحدد من خلال الطريقة التي يفكر بها . لذا يأتي العلاج عند أليس كم خلال دحض الأفكار الخاطئة و الغير منطقية .

3. العلاج النفسي التدعيمي

و يتم من خلال تعليم المريض الاسترخاء عن طريق تخيل بأنه موجود في مكان يجب أن يكون فيه .

4. الإرشاد العلاجي و الإرشاد الزواجي للقلق

من خلال حل مشكلات المريض و تعليمه كيف يحلها و يهاجمها دون الهرب منها .

5. العلاج البيئي للقلق

و يتم من خلال تعديل العوامل البيئية ذات الأثر الملحوظ مثل تغيير العمل , و تخيف أعباء المريض , و تخفيف الضغوط البيئية و مثيرات التوتر , و العلاج الاجتماعي و الرياضي و الرحلات و الصداقات و التسلية و الموسيقى و العلاج بالعمل .

6. العلاج الطبي للأعراض الجسمية المصاحبة للقلق

و ذلك بتطمين المريض أنه لا يوجد لديه مرض جسمي , و استخدام المسكنات (مثل الباربيتورات ) و استخدام المهدئات (مثل ستيلازين) , و استخدام العقاقير المضادة للقلق (مثل ليبريوم) . و هنا يجب تعريف المريض أن هذه مسكنات و مهدئات , حتى لا يعتقد أن مرضه عضوي المنشأ . و يجب الحرص في استخدام العقاقير المهدئة خشية حدوث الإدمان . و قد وجد استخدام علاج التنبيه الكهربائي و العلاج المائي في بعض الحالات .

7. العلاج الاجتماعي

و يتركز في تكييف حالة المنزل و العمل , حتى نخفف عن كاهل المريض بعض أعبائه التي تزيد من حالته , و إزالة الأسباب العائلية المسببة للقلق .

 

المزيد عن التغذية الراجعة للدماغ

تعمل التغذية الراجعة للدماغ على تحفيز الدماغ لفترة وجيزة على مستوى دقيق للغاية، كما ويعمل على إنشاء تغييرات مؤقتة في موجات الدماغ مما يسمح للدماغ بإعادة تنظيم نفسه، وبالتالي تحرير نفسه من الأساليب المرتبطة به في الماضي.
تتأثر الأنماط\ الأساليب الدائمة فقط بالتحول إلى أنماط\ أساليب موجة دماغية أكثر مرونة وأكثر صحية. حيث ذكر أولئك الذين تم علاجهم من خلال تقنية التغذية الراجعة للدماغ بأن الأعراض التي كانوا يحاولون التخلص منها قد تضاءلت.
قم بالتواصل معنا لمعرفة المزيد أو لتحديد موعد لجلسة تدريب الدماغ في مركزنا .

More about Neurofeedback

Neurofeedback stimulates the brain briefly at a micro-precise level, creating temporary changes in brain waves. This allows the brain to reorganize itself, thus releasing itself from patterns that may have been attached to it in the past.

Only lingering patterns are affected by the transformation into flexible, more healthy and functional brain wave patterns. Those treated with Neurofeedback reported that the symptoms they were trying to get rid of had diminished.

Contact us to learn more or to take an appointment for a brain training session at our center.