اضطراب ما بعد الصدمة – (Post Traumatic Stress Disorder (PTSD

التعريف و الوصف

يعد اضطراب ما بعد الصدمة من بين أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً التي تبتلى بها الشعوب المنكوبة بالحروب و بأنظمة سادية . و يعود الفضل في اكتشاف هذا الاضطراب إلى الحرب الفيتنامية في سبعينات القرن الماضي , فقد كشفت الدراسات النفسية عن وجود نصف مليون محارب أمريكي يعانون من هذا الاضطراب بعد مرور (15) سنة على انتهاء تلك الحرب . لذا يظهر هذا الاضطراب في حالة تعرض الإنسان لخطر مفاجىء أو رؤية مشهد مفزع أو سماع خبر مفجع يتسبب في حدوث صدمة نفسية للمتلقي , و الصدمة تستخدم عادة للتعبير عن التأثر النفسي الشديد . و تعرف الصدمة في التعبير النفسي (Trauma) بأنها حالة من الضغط النفسي تتجاوز قدرة الفرد على التحمل و العودة إلى حالة التوازن الدائم بعدها , و هذا الحادث الصادم يهاجم الفرد و يخترق الجهاز الدفاعي لديه مع إمكانية تمزيق حياته بشدة , و قد ينتج عن هذا الحادث تغيرات في الشخصية أو مرض عضوي إذا لم يتم التحكم فيه بسرعة و فاعلية حيث تؤدي الصدمة إلى نشأة الخوف العميق و العجز أو الرعب .

و الأحداث الصدمية كذلك ذات شدة مرتفعة و غير متوقعة , و غير متكررة , و تختلف في دوامها من حادة إلى مزمنة . و يمكن أن تؤثر في شخص بمفرده كحادث سيارة أو جريمة من جرائم العنف , و قد تؤثر في المجتمع كله كما هو الحال في الزلزال أو الإعصار و الفياضانات و الحروب و الكوارث .

الأعراض

تبرز أعراض الاضطراب ما بعد الصدمة حينما يمر به موقف مؤذ و مقلق أو حادث صدمي مثل

  • الاغتصاب
  • العنف الأسري
  • الحروب
  • الكوارث الطبيعية , كالفياضانات , و الهزات الأرضية , و غيرها و الكوارث المصنطعة
  • الاعتداءات العنيفة
  • التعذيب , و الأسر
  • حالات التعرض إلى مواقف الموت

فبعد تعرض الشخص لأحداث صادمة تؤدي لأعراض تستمر معه لأشهر و أحياناً لسنوات , بحيث تؤثر على توافقه و أدائه الوظيفي و على ممارسة أنشطته اليومية . و عادة ما تظهر الأعراض بوضوح خلال الثلاثة أشهر الأولى من التعرض للأحداث الصادمة , و في بعض الحالات النادرة قد تظهر الأعراض بعد سنوات . و قد تشتد حدة الأعراض و ترافقها نوبات الهلع عند زيادة الضغوط النفسية أو عند التعرض لما يذكر الشخص بالأحداث الصادمة .

و من أعراض الإصابة بهذا الاضطراب هي
  • يستذكر المصدومون دوماً حادث الصدمة على نحو كوابيس و استذكارات مزعجة خلال النهار .
  • و قد يعانون من مشاكل في النوم .
  • الكآبة و الشعور بالانعزال , و البرود العاطفي .
  • انعدام الحس , و سرعة الجفلة (الجفلة المفرطة) .
  • و قد يضعف الاهتمام بالأمور التي اعتادوا على ممارستها .
  • و قد يشعرون بالهيجان , و العدوانية أكثر من ذي قبل .
  • و عادة ما يثير المصابين أشياء تذكرهم بالحادث , مما قد تؤدي إلى اجتنابهم لأماكن و مواقف معينة تثير الذكريات الأليمة لديهم , و غالباً ما تكون الذكرى السنوية للحادث الصدمي هي الشرارة التي تشعل هذا الاضطراب , و تثير أعراضه الشديدة .

تتراوح شدة الأعراض من المعتدلة إلى الحادة , و قد تكون هذه الأعراض سهلة التهيج , و تولد نوبات عنيفة , ففي الحالات الحادة يعاني المضطربين سوء تكيف في العمل, و العلاقات الاجتماعية. أن المضطرب يتعرض إلى استرجاعات عن الحوادث الصدمية على شكل صورة أو أصوات, أو روائح, أو مشاعر يتوهم أن حادث الصدمة يعود ثانية . و فيما يخص قسم من المصابين فإن أعراض اضطراب ما بعد الصدمة تكون قصيرة الأمد و سريعة الزوال , لكن القسم الآخر يعاني باستمرار لشهور, أو سنوات, و لا يتحسنون إلا من خلال التداخل العلاجي .

مراحل الصدمة النفسية

يمر معظم المصابون بالصدمات النفسية بعدد من المراحل التي لا بد أخذها بعين الاعتبار في العملية العلاجية , و المراحل هي

  1. مرحلة الصدمة و الإنكار Shock & Denial Stage و فيها ينكر المصاب باضطراب ضعوط ما بعد الصدمة تعرضه لصدمة نفسية. و المصاب باضطراب ضغوط ما بعد الصدمة يتصرف و دون وعي منه و كأنه لم يتعرض لأي صدمة نفسية .(لم أتعرض لأي شيء) و تستغرق هذه المرحلة في العادة أسبوع, يعتمد على نوع و درجة الصدمة النفسية التي تعرض لها الفرد .
  2. مرحلة الغضب Anger Stage و فيها يشعر الفرد المصاب باضطراب ضغوط ما بعد الصدمة بالغضب لتعرضه لتلك الخبرة المؤلمة, و يبدأ في لوم ذاته (لم حصل لي ذلك ؟).
  3. مرحلة المساومة (التضحية) Barging Stage (و يكون فيها الفرد في حالة من الإحباط تجعله يأخذ الوعود على نفسه بأن يقوم بأي شيء للخروج من تلك الخبرة المؤلمة أو استعادة ما فقده (سوف أكون إنساناً صالحاً إن …).
  4. مرحلة الاكتئاب Depression Stage و خلال هذه المرحلة يبدأ وقع الصدمة النفسية يأخذ منحنى طبيعياً و واقعياً, إذ يبدأ المريض بالحزن, و يبدي عدم اهتمامه بكل ما يدور حوله من أمور كان يهتم بها في السابق (لا أبالي بما يدور حولي) .
  5. مرحلة التقبل Acceptance Stage و فيها يبدأ باستيعاب ما حصل له من صدمات , و تقبل الأثر النفسي الذي خلفته الصدمة النفسية وراءها, و تعد هذه المرحلة بداية العلاج .

الأسباب

  1. الأسباب الوراثية

تشير الدراسات الوراثية أن للجينات و الانتقال الوراثي دور كبير في توفير استعداد لظهور هذا الاضطراب .

  1. الأسباب العصبية

تساهم العمليات الفسيولوجية و العصبية في ظهور هذا الاضطراب , فالحدث المؤلم الذي يصيب الفرد ينجم عنه إفراز الجسم لهرمون “الأدرينالين” و الذي يحفز الجسم و يستنفره, و يثير نشاطه مما يخلق أنماطاً عصبية عميقة في الدماغ, و هذه الأنماط يمكن أن تبقى مدة أطول بعد الحدث الذي يسبب الخوف, و يجعل الفرد يستجيب لحالات الخوف المستقبلية .

  1. الأسباب النفسية

تتمثل الأسباب النفسية بالآتي 

  • تعرض الفرد لإضطراب ما بعد الصدمة إلى المستويات المرتفعة من الضغوط أو التعرض لها, فكلما ازدادت شدة التعرض للكارثة فإن عدد الضحايا الذي يتطور لديهم هذا الاضطراب يتزايد بشكل طردي .
  • يبدو أن بعض الأفراد الذين يوجد لديهم تاريخ مرضي في بعض المشكلات السلوكية قبل سن الخامسة عشرة, مثل: السرقة, الكذب, الهروب من المدرسة, التخريب المتعمد للممتلكات… تزداد لديهم احتمالية التعرض لاضطراب ضغوط ما بعد االصدمة.
  • تعد أسلوب مواجهة الصدمات النفسية و قوة تحمل الضغوط من أكثر المنبهات أهمية في الاستجابة للصدمة فالشخص الذي يفتقر للاستراتيجيات النفسية القوية في تحمل الضغوط النفسية يصبح فريسة سهلة لهذا الاضطراب .
  • و الأمر بالمثل بالنسبة لنقص الدعم و المساندة الاجتماعية, فالفرد الذي لا يتلقى مساندة و دعماً أسرياً يكون أكثر عرضة لتأثير الصدمة, مع زيادة خطر لستمرار المعاناة منها, و يجب ألا ننسى أن المساندة في ذاتها ليست هي المهمة, بل إن إدراك الفرد لهذه المساندة, هو الذي يقلل من أثر الصدمة .

العمر و الانتشار

تتراوح نسبة المصابين باضطراب ما بعد الصدمة بعد الحوادث أو الكوارث بين (3%) إلى (75%). و تبين الدراسات التي أجريت على الحالات النمطية من اضطراب ما بعد الصدمة أن 30% من الحالات التي يتم شفاؤها تماماً و 40% يستمرون في المعاناة من بعص الأعراض البيسطة, و 20% يعانون من أعراض متوسطة الشدة, في حين يبقى 10% كما هم أو يتدهورون أكثر. و قد وجد بشكل عام أن تطور الاضطراب يصبح أسوأ في الأطفال و كبار السن مقارنة بمتوسطي العمر, ربما لافتقاد هاتين الفئتين لقدرات المواجهة و مهارات التكيف .

العلاج

قبل الحديث عن العلاج لا بد من الحديث عن اعتبارات عدة لمساعدة المتأثرين في الظروف الصادمة و هي

  • نقل الشخص المصاب من بؤرة التوتر إلى مكان أكثر أمان .
  • أعط فرصة للشخص بأن يصف الحدث من وجهة نظره و بلغته الخاصة .
  • اطلب من الشخص أن يعبر عن مشاعره أثناء مروره بالحدث و شعوره حالياً .
  • ساعد الشخص على أن يشعر بالأمان و التحدث بحرية .
  • استخدام مهارات الاستماع الفعال و طرح الأسئلة مفتوحة النهاية .
  • استخدم تقنيات الاسترخاء العضلي لمساعدته على التنفس بعمق و الشعور بالراحة .
  • ناقش الشخص المصاب في الإجراءات التي قام بها لحماية نفسه, و كيف يمكنه التصرف مستقبلاً لو تكرر مثل هذا الحدث .
  • اعمل على دمج الشخص المصاب في أعمال و أنشطة جماعية تساعده في عملية التفريغ الانفعالي .
1. العلاج الدوائي

هناك بعض الأدوية التي ثبت فاعليتها في علاج مثل هذا الاضطراب و منها مضادات الاكتئاب و مضادات القلق و هذه العلاجات لا بد أن تعطى تحت إشراف طبي .

2. العلاج النفسي, و يشمل
  • العلاج الانفجاري
  •  يعد العلاج الانفجاري و الغمر المتخيل من أكثر الأشكال الشائعة في العلاج السلوكي لاضطراب ضغوط ما بعد الصدمة . و يتكون العلاج الانفجاري من التقديم التخيلي للخبرة الصادمة التي واجهت المريض, و يحدث ذلك بشكل متكرر حتى الدرجة التي يصبح فيها المنظر الصادم غير مثير للقلق (الانطفاء من خلال التعرض).

و يتلخص الهدف من هذا الإجراء في تقليل تجنب الخبرة الصادمة و القلق الناتج عنها. و لهذه الطريقة ثلاث مراحل: التدريب على الاسترخاء, التدريب على التخيل السار, و العلاج الانفجاري الذي يتكون بدوره من ثمان ملااحل فرعية. و تتمثل المرحلة الأولى في تكوين مدرج للذكريات الصادمة مبتدءاً بأقلها حدة و شدة, إلى أكثرها إثارة للقلق . و تتكون الخطوة الثانية من خلال الطلب من المريض إعطاء تقديرات لكل خبرة صادمة على مدرج متصل من (1-10) مبتدءاً بالأقل إثارة للقلق إبى الأكثر استثارة للقلق . أما الخطوة الثالثة فتهدف إلى مساعدة المريض على الاسترخاء. ثم يطلب منه أن يعيد صياغة المشهد الصادم, و بعد ذلك يقوده المعالج إلى التركيز على أكثر الأمور في ذلك المشهد استثارة للقلق, ثم ينهي المشهد بالتدريج, و يطلب منه مرة أخرى تقدير القلق عنه على مدرج متصل من (1-10) و ينهي الجلسة العلاجية .

  • العلاج المتمركز حول المخطوطة المعرفية (Schema-Focused Therapy)

علاج تناوله العالم بيك Beck ضمن نظريته في الاكتئاب و طرق علاجه . و تتضمن هذه الاستراتيجية إعادة تحديد المخطوطة المعرفية للفرد المصاب باضطراب ضغوط ما بعد الصدمة, و ذلك من خلال التركيز على الحادث حتى يكتسب معنى متسقاً في هذا العالم (و ذلك بمقارنة الفرد بأولئك الذين هم أقل حظاً منه), و النظر إلى الاستفادة الممكنة من هذه الخبرة. ثم يأتي المعالج إلى إيجاد معنى و غرض في هذه الخبرة داخل مخطوطة الفرد المعرفية, و يعمل على تغيير السلوك لمساعدة الفرد على منع الخبرة الصادمة من معاودة الحدوث, و تشجيعه على البحث عن الدعم الاجتماعي من خلال الأسرة و الأصدقاء .

  • علاج العمليات الانفعالية (Emotional Processing Techniques)

و يركز هذا النوع من العلاج على السماح للمصاب باضطراب ضغوط ما بعد الصدمة بتحديد الانفعالات التي استثارت للقلق عنده, و ربطها بإدراكاته عنها. ثم ينتقل به المعالج إلى تحديد احتياجاته الانفعالية و السعي إلى تحقيقها .

التعرض العلاجي للصدمة: و يتلخص هذا الاسلوب في العلاج في تعريض المريض إلى الأحداث أو الذكريات و المشاعر التي مر بها و التي لا تزال تثير فيه الخوف و القلق و لكن بعناية و بطريقة تدريجية, و في العادة ما نبدأ في التركيز على الذكريات التي تثير القلق و الخوف لدى المصاب و لكنها تحت السيطرة ثم ننتقل إلى الذكريات الأشد و الأشد, على شرط أن يتم هذا العلاج في بيئة آمنة و مسيطر عليها و المريض في حالة استرخاء, و هنا يشعر المريض بأنه أقل قلق و أكثر أمناً و تحكم في المشاعر و الذكريات.

  • العلاج الاجتماعي و الديني

و ذلك بتنشيط شبكة الدعم الاجتماعي (أو ما تبقى منها) بدءاً بالأسرة (أو بعض أفرادها الموجودين) ثم العائلة الكبيرة ثم المدرسة ثم المسجد أو الكنيسة ثم جمعيات المساندة الأهلية. و قد ثبت من الأحداث دور الرموز و القيادات الدينية في مساعدة الصغار و الكبار على استيعاب الأحداث الدامية و التعامل معها بشكل تكيفي من خلال إعطاء المعنى الإيجابي لها من وجهة النظر الدينية الأعمق إضافة إلى أثر المفاهيم و الأخلاقيات و الممارسات الدينية على تماسك الأسرة و العائلة و المجتمع تحت مظلة التكافل الاجتماعي و التراحم و التلاحم .

 

المزيد عن التغذية الراجعة للدماغ

تعمل التغذية الراجعة للدماغ على تحفيز الدماغ لفترة وجيزة على مستوى دقيق للغاية، كما ويعمل على إنشاء تغييرات مؤقتة في موجات الدماغ مما يسمح للدماغ بإعادة تنظيم نفسه، وبالتالي تحرير نفسه من الأساليب المرتبطة به في الماضي.
تتأثر الأنماط\ الأساليب الدائمة فقط بالتحول إلى أنماط\ أساليب موجة دماغية أكثر مرونة وأكثر صحية. حيث ذكر أولئك الذين تم علاجهم من خلال تقنية التغذية الراجعة للدماغ  بأن الأعراض التي كانوا يحاولون التخلص منها قد تضاءلت.
قم بالتواصل معنا لمعرفة المزيد أو لتحديد موعد لجلسة تدريب الدماغ في مركزنا .

 

More about Neurofeedback

Neurofeedback stimulates the brain briefly at a micro-precise level, creating temporary changes in brain waves. This allows the brain to reorganize itself, thus releasing itself from patterns that may have been attached to it in the past.

Only lingering patterns are affected by the transformation into flexible, more healthy and functional brain wave patterns. Those treated with Neurofeedback reported that the symptoms they were trying to get rid of had diminished.

.Contact us to learn more or to take an appointment for a brain training session at our center